قرآن وسنة
د. عبد الله النجار
يجب ان يعلم الناس أن هناك فرقاً بين العقد علي المرأة والدخول بها. فإن العقد يعني إنشاء سبب حل المرأة الأجنبية. فإذا وجد هذا العقد مستوفياً لأركانه وشروطه فإن المرأة التي كانت أجنبية عن الرجل تصبح حلالا له. والدخول بالمرأة يعني تنفيذ عقد الزواج أو استيفاء المقصود منه وهو الاستمتاع بالمرأة علي النحو الذي احله الشارع. وقد يوجد العقد. ولا يوجد الدخول.
فيحدث الطلاق قبله وهو المقصود بقوله تعالي: "وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف مافرضتم". ومعناه ان المطلقة قبل الدخول يجب لها نصف المهر المسمي. ومن ذلك قوله تعالي: "ياأيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحاً جميلا". فإن الطلاق في هذه الحالات التي تحدث عنها القرآن الكريم يجيء بعد العقد وقبل الدخول المعبر عنه بالمسيس. وفي هذا دلالة علي اختلاف الأمرين وان العقد قد يوجد ولا يحدث دخول.
وقد أوجب الله الوفاء بالشروط في كل عهد. فقال سبحانه: "ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود". وقال سبحانه: "وأفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا". كما أوجب الوفاء بوجه أخص في شروط النكاح فقال النبي - صلي الله عليه وسلم -: "إن أحق ما أن توفوا به ما استحللتم به الفروج". والشروط قد تكون مستفادة من الاتفاق الصريح عليها. وقد تكون مستفادة من العرف. والوفاء واجب في كلا النوعين من الشروط. وهذا مستفاد مما هو معروف في قواعد الفقه الكلية من ان المعروف عرف كالمشروط شرط. ولهذا كان مايجري به العرف الصحيح بمثابة الشرط الذي يجب الوفاء به.
وقد تعارف الناس علي أن يفرقوا بين عقد النكاح علي المرأة والدخول بها بفترة زمنية يتمكن فيها اسرتها من تجهيزها لحياتها الجديدة واعداد مايلزم لها مع زوجها. وهذا التمكن يحتاج وقتاً ويتكلف مالا كله سيصب في مصلحة الزوج. كما ان انتظار تلك الفترة الزمنية ينطوي علي نوع من الاحترام للزوجة والوفاء لأهلها الذين ارتضوه زوجاً لابنتهم وقبلوا ان تكون أسيرة بيته ومهوي فؤاده ومن ثم كان الدخول بها دون ارادتهم مخالفاً لشرع الله من جهة انه يتضمن غدراً بشرط يجب الوفاء به ويؤدي إلي استشراء العداوة بينه وبين اهلها مع ان مقصود النكاح يجافي ذلك. ولهذا كان عملا مؤثماً لايجوز.